{وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ}: أي: يُدْخل نُقْصان النهار في زيادة الليل؛ كقولهم: "الحَوْر بعد الكَوْر" (١)؛ أي: النُّقْصان بعد الزيادة، وهو في معنى قوله: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} الحج: ٦١، وهو تعريف اختلاف فصول السنة من ربيعٍ وصيفٍ وخريفٍ وشتاءٍ تعديلًا للطبائع والأزمنة.
وحاصلُه: أنَّ التكوير له ثلاثُ مَعانٍ:
الإيلاج: وهو أنْ يُزاد مِن هذا في هذا، ومن هذا في هذا.
والتَّغْطية: فإذا جاء الليل غطَّى على النهار؛ كما قال: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا} الشمس: ٤، وكذا كَوْر العمامة.
والإدارة: كما في كَوْر العمامة (٢)، وهو مجيء أحدهما على إِثْر الآخر مُتعاقبين.
{وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ}: أي: ذلَّلَهما وجعلهما يجريان ويَطْلعان ويَغْرُبان لمنافع العباد.
{كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى}: أي: كلُّ واحد مِن الشمس والقمر يجري في الفُلْك إلى أنْ تنقضيَ الدنيا للأجل المسمى عنده، فيَنتقِض هذا النَّظْم حينئذ.
وقيل: الأجل المسمى: هو الوقت الذي ينتهي فيه سَيْر الشمس والقمر إلى منازلهما المرتَّبة لغروبهما وطلوعهما على ما مرَّ في سورة يس.
(١) انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (١/ ٣١٥).
وقد ثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يستعيذ من الحور بعد الكور، رواه مسلم في "صحيحه" (٢/ ٩٧٩) من حديث عبد اللَّه بن سَرْجِس رضي اللَّه عنه.
(٢) "كما في كور العمامة" ليس في (أ).