(٣٠) - {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}.
وقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ} انتظامُ هذه القصَّة بما قَبلها مِن وجوه:
أحدها: أنَّه أَخبر عن خلق السماوات والأرض، ثم أَخبر أنَّه خلق بعدهما البشر، وأبوهم آدم، وأخبر الملائكة قبل خلقه أنَّه يَخلقه ويَستخلفه.
والثاني: أنَّه قال: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}، ثم خلقكم فهيَّأ أسبابَكم ثم أخرجكم، وفيه تفريغُ قلوبكم وتفريجُ كروبكم (١).
والثالث: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ} وقد خلقكم وخلقَ الأشياءَ كلَّها لكم، وأَنعم على أبيكم بما ذكر في (٢) تمام القصة، وذكرُ النِّعمِ على السالفين استبداءُ الشُّكر على الخالفين، كما عدَّ نِعَمَ بني إسرائيل على أولادهم فقال: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} البقرة: ٤٠ إلى آخر القصة، ولذلك (٣) ذكر تلك القِصص بعد هذه القصَّة لتقارُبها.
وبَدَأ القصةَ بقوله عزَّ وعلا: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ} والواو للاستئناف، وأصله للعطف، وهذا عطفُ جملةٍ على جملةٍ، و (إذ) كلمة ظرفٍ للزَّمان الماضي، وقد يَجيء لغيره، وقد قالوا: إنَّه يَجيء على خمسة أوجه:
للماضي (٤): كما في قوله {وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى} البقرة: ٥٥.
(١) في (أ): "تفريغ قلوبهم وتفريج كروبهم".
(٢) في (ف): "من".
(٣) في (ر) و (ف): "إلى آخر القَصَص وكذلك".
(٤) في (أ): "أحدها للماضي" وفي (ر): "أحدها الماضي".