وقال الضحاك: قالوا له: لتَكُفَّنَّ عن ذِكْر آلهتنا أو لتَخْبِلَنَّكَ (١).
ورُوِي أنَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعث خالد بن الوليد لِيكسِرَ العُزَّى، فقال له قيِّمُها: اتَّقِها، فإنَّ لها شِدةً لا تقوم لها الرجال، فضربها خالد ضَرْبةً أبان عنها رأسها، ويقال: هشَمَ أنفها (٢).
وقولُه تعالى: {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ}: قد بيَّنا في قولٍ أنه الأصنام.
وقيل: كانوا يُخوِّفونه بكثرة جموعهم، قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ} القمر: ٤٤، والكفاية في حق ذلك ما قال: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} القمر: ٤٥، وقال: {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} البقرة: ١٣٧.
فإذا حُمل على الأنبياء فقد كانوا يُخوِّفونهم بالأصنام أيضًا، قال تعالى في قصة إبراهيم: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ} الأنعام: ٨١، وقال في قصة هود: {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ} هود: ٥٤.
وإنْ كان التخويف بالجُموع، فقد كان ذلك في حق الأنبياء، حتى قال نوح: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} يونس: ٧١، وقال هود: {فَكِيدُونِي جَمِيعًا} هود: ٥٥.
وإنْ كان هذا في حق المؤمنين، فهو كقوله: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى} آل عمران: ١١١، وقوله: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} آل عمران: ١٢٠.
وقولُه تعالى: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}: أي: هؤلاء الذين يُخوِّفونك قد أضلَّهم اللَّه؛ لعِلْمه باختيارهم الضلالة.
(١) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢٦٣٤) عن قتادة، وذكره البغوي في "تفسيره" (٧/ ١٢٠) من غير نسبة.
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٢١٠)، وعبد الرزاق في "تفسيره" (٢٦٣٣)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (١٨٣٩٤) عن قتادة.