آل عمران: ١٠٦، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ} عبس: ٣٨ الآيات، {كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا} يونس: ٢٧، {وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ} يونس: ٢٦.
وقولُه تعالى: {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ}: استفهام بمعنى التقرير؛ أي: هذا جزاء وقَعَ لهم باستحقاقهم، يُقيمون فيها خالدين.
وقولُه: {لِلْمُتَكَبِّرِينَ}: إشارةٌ إلى ما سبق، وهو قوله: {وَاسْتَكْبَرْتَ}.
والتَّكبُّر والاستكبار واحد؛ كالتعجُّل والاستعجال، والتَّيَقُّن والاستيقان، ومثْلُه في قصة إبليس: {أَبَى وَاسْتَكْبَرَ} البقرة: ٣٤، وقال: {فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا} الأعراف: ١٣.
* * *
(٦١) - {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
وقولُه تعالى: {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا}: وهم على خلاف هؤلاء.
{بِمَفَازَتِهِمْ}: قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر: {بمفازاتهم} على الجَمْع، والباقون: {بِمَفَازَتِهِمْ} على التوحيد (١).
والمفازةُ: سبب الفوز؛ كقوله عليه الصلاة والسلام: "الولد مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ مَجْهَلَةٌ" (٢)؛ أي: سببُ البُخْلِ والجُبْنِ والجهل.
والمفازةُ على التوحيد: يُراد بها التقوى، وعلى الجمع: يُراد بها الطاعات.
(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٥٦٣)، و"التيسير" للداني (ص: ١٩٠).
(٢) رواه بهذا اللفظ الطبراني في "الكبير" (٦١٤) من حديث خولة بنت حكيم رضي اللَّه عنها، والحاكم في "مستدركه" (٥٢٨٤) من حديث الأسود بن خلف، وأصله في السنن. قال العراقي: إسناده صحيح. انظر: "تخريج الإحياء" (ص: ١١٦٨).