{أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ}: أي: بأنْ يقول، وهذا القول لا يُوجب القتل.
{وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ}: أي: بالحُجَج والمعجزات.
والحُجَج: ما ذُكِر في قوله: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} الشعراء: ٢٣ الآيات، وأما المعجزات: فهي اليد والعصا ونحو ذلك.
{وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ}: أي: وَبالُ كذِبِه.
قيل: أي: يُقتل إذا تبيَّنَ كذِبُه، فأما قبل التَّبيُّن فلا تقتلوه.
{وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ}: قيل: أي: كلُ الذي يعِدُكم؛ كما قال تعالى: {وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ} الزخرف: ٦٣: أي: كلَّه، وهو كقول الشاعر:
قد يُدرِك المُتأنِّي بعضَ حاجتِه... وقد يكون مِن المستعجِلِ الزَّلَلُ (١)
وقال لَبيد:
تَرَّاكُ أمكنةٍ إذا لم أَرْضَها... أوْ يعتلِقْ بعضَ النُّفوس حِمامُها (٢)
أي: كلَّ النُّفوس.
وقد جاء كلٌّ في إرادة البعض؛ كما في قوله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ}، وقال: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}.
وقيل: كان موسى عليه السلام قال: إن العذاب على مَن كذَّب وتولَّى، وهذا
(١) البيت لعمير بن شييم القطامي يمدح عبد الواحد بن الحارث. انظر: "ديوانه" (ص: ١٩٣)، و"جمهرة أشعار العرب" لأبي زيد القرشي (ص: ٧٤)، و"تهذيب اللغة" للأزهري (١/ ٣١٠).
(٢) انظر: "ديوان لبيد بن ربيعة" (ص: ١١٣)؛ وهو من معلقته المشهورة.