{قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى}: اعترفوا بمجيئهم، وزاد في آية أخرى: {قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} الملك: ٩.
{قَالُوا فَادْعُوا}: أي: فادْعوا أنتم إذًا، فقد لزِمَتْكم الحُجَّة، ووقَعَ الإعذار، وحقَّتْ كلمة العذاب، ولا تبديلَ لكلمات اللَّه، ولن ندعوَ لكم؛ إذ لا سبيلَ لنا إلى الشفاعة إلا بإذن اللَّه، واللَّهُ لا يأذَن لنا بالدعاء لكم، فادعوا أنتم لأنفسكم.
وقولُه تعالى: {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ}: أي: وما دعاء الكافرين لأنفسهم في الآخرة بتخفيف العذاب عنهم إلا في بُطْلانٍ ومَيْلٍ عن الصواب، وهو في مُقابلة قولهم للأنبياء في الدنيا: {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ} الملك: ٩.
وقولُه تعالى: {فَادْعُوا}: ليس بأمرٍ حقيقةً، لكن معناه: إنْ دعوتم لنْ ينفعَكم، وهو كقوله: {فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا} الطور: ١٦.
* * *
(٥١) - {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}.
وقولُه تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}: ذَكَرَ نَصْرَ موسى عليه السلام ومؤمنِ آلِ فرعون على فرعون وآله، وأخبَرَ أنه ينصر أيضًا جميعَ رسُلِه، وجميعَ المؤمنين.
والنَّصْرُ: المَعونةُ على العدو بالاستعلاء عليه، وهو على وجوه:
نصرٌ بالحُجَّة (١)، ونصرٌ بالغلَبَة والمُحاربة، ونصرٌ بعِقاب العدو، ونصرٌ بإكرام الولي بالثواب.
(١) في (أ): "أحدها: الحجة" بدل: "نصر بالحجة".