قولُه: {وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ}: أي: صَمَمٌ، وقَرَه اللَّهُ؛ أي: أصَمَّه، مِن باب: ضرَبَ، ووَقِرَ يَوْقَرُ؛ أي: صُمَّ، مِن باب عَلِمَ.
وقولُه تعالى: {وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ}: فلا نُبْصِرُكَ.
وقيل: أي: ساتِرٌ مِن جهة اختلاف الدِّين والتَّباين في العبادة، فلا تَطْمَعَنَّ في استماعنا منكَ (١).
وقولُه تعالى: {فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ}: أي: فاعمل عمَلَكَ، فإنا نعمَلُ عملَنا، قالوا ذلك لِيُؤَيِّسُوه عن إيمانهم به واتباعهم له.
وقيل: {فَاعْمَلْ} في هلاكنا، {إِنَّنَا عَامِلُونَ} في هلاكِكَ. قاله الفراء (٢).
وقيل: أي: دع دعاءَنا إلى دينكَ، فإنا قد ترَكْنا دعاءكَ إلى ديننا.
* * *
(٦ - ٧) - {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ}.
وقولُه تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}: أي: فلا تدْعُ لذلك دُعاءهم، وقل لهم: إني بشر مثلُكم مُناسبٌ لكم في الخِلْقَة، وذلك مما يُوجب الإشفاقَ، كأنه قال: {إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} أُريدُ الخير بكم، ولستُ أدَّعِي أني ملَكٌ أو ملِكٌ لِتنفِروا مني لِتَعَظُّمي عليكم، يوحي إليَّ اللَّهُ -الذي تُقِرُّون أنه خالقُكم- أنَّه إله واحد لا شريك له.
وقولُه تعالى: {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ}: أي: وجِّهوا وجوهكم بالعبادة والدعاء
(١) في (أ) و (ف): "عنك".
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ١٢).