تعالى أنْ يُرسلَ رسولًا إلى عباده لأَنزلَ عليهم الملائكة رسلًا مِن عنده؛ إذ هم سُكَّان السماوات التي منها يَنزل الوحيُ، دون أنْ يجعلَهم مِن أهل الأرض، فإنا لهذا جاحدون لِمَا ادَّعيتم مِن الرسالة، وهذا جهل منهم بمواقع الحكمة على ما بيَّنَّاه في قوله: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ}.
ثم بيَّنَ ما ذَكَرَ مِن صاعقة عاد وثمود، فقال:
* * *
(١٥) - {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ}.
{فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}: أي: فتعظَّموا على نبيهم، وأفسدوا في بلادهم بغيرِ أنْ حُقَّ لهم ذلك.
{وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً}: استفهام بمعنى النفي؛ أي: لا أقوى منا في الأجسام والعدد.
{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً}: أي: أوَلمْ يعلموا عِلْمًا يقوم مَقامَ العِيان أنَّ اللَّه هو أوسعُ منهم قُدْرةً؛ لأنه قادرٌ على كل شيء بقُدْرة نفْسِه، وهم قادرون على بعض الأشياء بإِقْدار اللَّه تعالى إياهم، ولو شاء لَسَلَبهم ذلك؟ وهو استفهام بمعنى التوبيخ.
{وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ}: يتَّصِلُ بقوله: {وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً}.
* * *
(١٦) - {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ}.