فإنْ حُمل على الأول؛ أي: التطهير، وقد ذكروا ذلك في التسبيح، فالتكرار للتأكيد كما في قوله (١): {عَلِيمًا خَبِيرًا} النساء: ٣٥ ولأنَّ التسبيحَ نفيُ ما لا يليقُ به، والتقديسَ إثباتُ ما يليق به.
وإنْ حُمل على الثاني فلا تكرار، لأنَّ الأولَ تنزيهُ اللَّه تعالى، والثانيَ تطهيرُ أنفسهم للَّه.
ثم مجموعُ كلامِ هؤلاء ثلاثةُ أشياء:
أحدها: التوحيد، وهو في قولهم: {نُسَبِّحُ}.
والثاني: التنزيه (٢)؛ وهو في قولهم: {بِحَمْدِكَ}، فإنَّه رؤيةُ الفعل مِن أنفسِهم، والفضلِ مِن ربِّهم.
والثالث: الطاعة؛ وهي في قولهم: {وَنُقَدِّسُ لَكَ}، فإنَّه تطهيرُ الأنفُسِ مِن الذُّنوب والأعمال مِن العيوب، وهو إخلاصُ الطاعات للَّه تعالى، وهو تنبيهٌ لكلِّ مسلمٍ (٣) وتحريضٌ له على إتمام هذه الخِلال؛ ليبلُغ محلَّ الكمال.
وقد ذكر كثيرٌ مِن المجازفين في هذا الموضع أشياءَ لا يجوز اعتقادُها، قالوا: إنَّهم حسدوا بَني آدمَ وعابوهم ومدحوا أنفسَهم، فعُوقبوا بالأمر بالسجود لآدمَ، وبالعمل لأولاده في الدُّنيا وخدمتِهم في العُقبى.
وهذه مقالاتٌ شنيعةٌ وذمٌّ للمقدِّسين الذين مدحهم اللَّهُ تعالى في آيات؛ قال: {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} الأنبياء: ٢٦ {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ} التحريم: ٦
(١) في (أ) و (ف): "للتأكيد كقوله".
(٢) في (ر) و (أ): "السنة".
(٣) في (أ): "وهذا تنبيه لكل مؤمن".