وقال الضحاك: {أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}: في القيامة؛ أي: كما يُنادى المُبعَدون عن الكرامة بأقبح الأسماء (١).
وقرأ ابن عباس: (وهو عليهم عمٍ) بكسر الميم؛ أي: مُلْتَبِسٌ (٢).
* * *
(٤٥) - {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ}.
وقولُه تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ}: أي: التوراةَ، كما آتيناكَ القرآن.
{فَاخْتُلِفَ فِيهِ}: أي: اختلَفوا في كتابه، فقالوا: سِحْرٌ، ونحوَ ذلك؛ كما اختلَفَ المشركون عليكَ في كتابكَ، فقالوا ما قالوا.
{وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ}: أي: وليس تأخيري العذابَ عنهم لعَجْزٍ، ولا لتَسْويةٍ بين المُحِقِّ والمُبْطِلِ، ولا لإهمالِ الفريقين، ولكنْ سبَقَ قولي أنِّي لا أُعاجِلُ هذه الأمةَ بالعذاب المستأصِل؛ لِعِلْمِي بمَن يخرُجُ مِن المؤمنين مِن أصلابهم.
{وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ}: أي: وإنَّ الكفار لا يكفُرون به لتيقُّنِهم ببُطْلانه، لكن يشُكُّون فيه لتَرْكِهم التأمُّلَ في الدلائل.
{مُرِيبٍ}: مُوقِعٍ للرِّيبَة؛ أي: التُّهْمة.
(١) رواه عنه الطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٤٥١)، وذكره السمرقندي في "تفسيره" (٣/ ٢٣١)، والماوردي في "النكت والعيون" (٥/ ١٨٧).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" (٢٠/ ٤٥٠)، و"تفسير الثعلبي" (٨/ ٢٩٩) ورواها عن ابن عباس ومعاوية وعمرو بن العاص.