عِلْمِه وقُدْرته، وكذلك الساعةُ، وهو كقوله: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ} الرعد: ٦ إلى أن قال: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} الرعد: ٨.
وقولُه تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ}: أي: وفي هذا اليوم يُخاطِبُ اللَّه هؤلاء، فيقول: أين الذين كنتم تُشْرِكونهم بي، ويقولون: هؤلاء شفعاؤُنا، وإنما نعبُدهم ليُقَرِّبونا إلى اللَّه زُلْفى.
وقولُه تعالى: {قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ}: قيل: أي: يقول المشركون: نُؤذِنُكَ -أي: نُعْلِمُكَ- ما مِنَّا مِن أحدٍ يشهَدُ (١) بأنَّ لك شَريكًا، أو بأنه كان لكَ شريكٌ.
ماضٍ بمعنى المستقبل؛ لأنَّه مِن أمور الآخرة، وهو كائنٌ لا محالةَ فأُلْحِقَ بالموجود.
ويَحتملُ أنَّهم كانوا قالوا ذلك قَبْل هذا الخطاب، فقد أخبَرَ أنهم يتبرَّؤون مِن ذلك يومَ القيامة، فيكون قوله: {آذَنَّاكَ}: أي: قلنا قبل هذا: {مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ}.
ثم هذا الإعلامُ لا يجوز أنْ يُفْهَمَ منه إيقاعُ العِلْم، لكنْ طريقُه طريقُ قولِه: {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ} البقرة: ٣١، وقد فسَّرْناه في تلك الآية.
وقال القُتَبيُّ: هذا قول المعبودين، يقولون: ما مِنَّا مِن شهيد للمشركين على ما قالوا (٢).
* * *
(٤٨ - ٤٩) - {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٤٨) لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ}.
(١) في (أ): "شهيد".
(٢) انظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة (ص: ٣٩٠).