وانتظامُ أوَّلىِ هذه السُّورة بآخر تلك السُّورة: أنَّ خَتْمَ تلك السُّورة باسم مِن أسماء اللَّه تعالى، وكذلك افتتاحُ هذه السُّورة.
وانتظامُ السُّورتين: أنهما في ذِكْر الكفار وشِرْكِهم، وإقامةِ الدَّلائل على جهلهم، وإبطالِ قولِهم، وما يتَّصِلُ بوعيدهم ووعيدِ غيرِهم.
* * *
(١ - ٢) - {حم (١) عسق}.
وقولُه تعالى: {حم}: مرَّتِ الأقاويلُ فيه.
{عسق}: هذه الحروف الخمسة اسمُ هذه السُّورة.
وقال الضحاك: {حم (١) عسق}؛ أي: قُضِيَ عذابٌ واقعٌ، وأرجو أنْ يكون قد مضى يوم بدر والسِّنونَ التي أصابَتْ أهلَ مكَّةَ (١).
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: السِّينُ في {عسق} كلُّ فِرْقةٍ تكون، والقافُ كلُّ جماعةٍ تكون، وبها كان يَعْلَمُ عليُّ بن أبي طالب رضي اللَّه عنه حسابَ الفِتَنِ (٢).
وعنه أنه قال: ليس مِن نبيٍّ صاحبِ شَرْعٍ أو صاحبِ كتابٍ إلا وقد أُوحِيَ إليه: {حم (١) عسق}، يُبَيِّنُ ذلك قولُه تعالى: {كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ} (٣).
وقال السُّدِّي: {حم (١) عسق}: يعني: العذابَ، أوحى اللَّه تعالى إلى الرسل
(١) ذكره السمرقندي في "تفسيره" (٣/ ٢٣٥).
(٢) ذكره الفراء في "معاني القرآن" (٣/ ٢١)، والطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٤٦٥)، والماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (٩/ ١٠٠)، والثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٣٠٢)، ومكي في "الهداية" (١٠/ ٦٥٥٥). وعندهم جميعًا: (حم سق)، وأن ابن عباس قرأها كذلك دون عين.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٣٠٣)، والبغوي في "تفسيره" (٧/ ١٨٤).