(١٦) - {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ}.
وقولُه تعالى: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ}: أي: يُخاصِمون في دين اللَّه.
قيل: هم أهل الكتاب؛ كانوا يقولون: ديننُا أقدَمُ، ونحن أولادُ الأنبياء.
وقيل: هم المشركون؛ كما قال: {قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا} مريم: ٧٣،.
{مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ}: أي: يُحاجُّون مَن استجابَ للَّه (١)، فدخَل في الإسلام.
{حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ}: أي: شُبْهَتُهم باطلةٌ، سمَّاها حُجَّةً لِزَعْمِهم أنها حُجَّةٌ.
والدَّاحِضَةُ: المُزالَةُ الزَّائِلة.
{عِنْدَ رَبِّهِمْ}: فإنه يُبَيِّنُ بُطْلانَها؛ كما قال: {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ} (٢) الآية البقرة: ١٤٠.
{وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ}: في الدنيا والآخرة.
وذِكْرُ الغَضَبِ في حقِّ اليهود والنصارى في القرآن كثيرٌ.
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: {لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ}: أي: لِأُسَوِّيَ بينكم بـ (لا إله إلا اللَّه) (٣)، قال تعالى: {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} آل عمران: ٦٤.
(١) في (أ): "أي يخاصمون من استجابه اللَّه".
(٢) في (ر): "يقولون"، وهي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وعاصم في رواية أبي بكر. انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ١٧١)، و"التيسير" للداني (ص: ٧٧).
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٣٠٧) بلفظ: لأسوي بينكم في الدين، وأومن بكل كتاب وكل رسول. =