هذه الكتبَ كلَّها بالحق؛ أي: ببيان (١) ما يجِبُ على الناس في دينهم، وأنزل الميزان؛ أي: العَدْلَ. قالَه مجاهد وقتادة (٢).
وهو في المُعاملات والأَخْذ والإِعْطاء أكثرُ ذلك في الكَيْلِيِّ والوَزْنِيِّ.
والوَزْنُ أصلٌ؛ لأنَّ المكاييلَ مُسَوَّاةٌ بالوَزْن، ثم اتَّسَعَ الكلام حتى سُمِّيَ كلُّ عَدْلٍ ميزانًا.
والمُقَدَّراتُ كلُّها موزونةٌ، قال تعالى: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} الكهف: ١٠٥، وقال: {وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ} الحجر: ١٩، ومَرْجِعُ هذه الآية إلى قوله: {وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ} الشورى: ١٥.
{وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ}: وهي (٣) يومُ الوَزْنِ، والجزاءُ على العَدْلِ والجَوْرِ في هذا الوَزْن.
* * *
(١٨) - {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ}.
وقولُه تعالى: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا}: ويقولون: {أَيَّانَ مُرْسَاهَا} الأعراف: ١٨٧ ويقولون: {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ} يونس: ٤٨، يقولون ذلك هُزُوًا.
{يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا}: أي: خائفون؛ لِعِلْمِهم بما يكون فيها مِن الحساب والجزاء.
(١) في (أ): "ببيان الحق".
(٢) رواه عنهما الطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٤٩٠)، ورواه عن قتادة عبدُ الرزاق في "تفسيره" (٢٧٣٤)، وذكره الواحدي في "الوسيط" (٤/ ٤٨)، والبغوي في "تفسيره" (٧/ ١٨٨) عن قتادة ومجاهد ومقاتل.
(٣) في (ف): "وهو".