عبده في الدنيا مِن ذنب، فاللَّهُ تعالى أكرمُ مِن أنْ يعودَ فيما قد عفَى عنه" (١).
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: وقد تُصيب المصيبةُ مَن لا يستحِقُّ العقوبةَ: إمَّا لِيعلَمَ المصابُ أنَّ سلامتَه فَضْلٌ مِن اللَّه، أو ليُعوِّضَه في الآخرة، {وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}: ما مِن مصيبة إلا ويُحْتَمَلُ الزِّيادةُ عليها، فيعفو تلك الزِّيادةَ، وقد يعفو عن كثير مِن الذنوب، فلا يُعاقِبُ عليه (٢).
* * *
(٣١ - ٣٢) - {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (٣١) وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ}.
{وَمَا أَنْتُمْ}: يا مَعْشَرَ الكفار {بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ}؛ أي: بفائتين أَخْذَ اللَّهِ، فليس تأخيرُ العذابِ عنكم لقوَّتِكم.
{وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا}: يتولَّى عَوْنَكم {وَلَا نَصِيرٍ}: يدفعُ العذابَ عنكم إذا أنزله بكم.
وقولُه تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ}: أي: ومِن العلامات الدالَّةِ على قُدْرة اللَّه تعالى على بَسْطِ الرزق وكلِّ شيءٍ السُّفُنُ الجاريةُ في البحر، جَمْعُ جاريةٍ، وهي السفينة، قال اللَّه تعالى: {حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} الحاقة: ١١.
= الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ١٠٣): فيه أزهر بن راشد، وهو ضعيف.
(١) رواه الترمذي (٢٦٢٦)، وابن ماجه (٢٦٠٦)، والإمام أحمد في "مسنده" (٧٧٥) من حديث علي رضي اللَّه عنه.
قال ابن كثير: سئل الحافظ الدارقطني عن هذا الحديث فقال: روي مرفوعًا وموقوفًا، ورفعه صحيح.
انظر: "تفسير ابن كثير" (٣/ ١٠١)، و"العلل" للدارقطني (٣/ ١٢٨).
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٩/ ١٢٨ - ١٢٩).