ويهب لِمَن يشاء الأولادَ الذُّكور، وهو كقوله: {أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (١٥) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} المزمل: ١٥ - ١٦.
فأما قولُه: {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا}: فلا يجوز فيه إلا التَّنْكير؛ لأنَّ قولَه: {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ} -أي: يجمَعُ الأولادَ- ثم قولَه: {ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا} تفسيرٌ له، فلا يجوز إلا بالتنكير؛ كقولك: جمعتُهم رجالًا ونساءً، لا يجوز: الرجالَ والنساءَ، بعد ذِكْرِ الكِناية.
وقال: {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ}: ولم يقل: ويُزَوِّجُهم؛ لئلا يُوهِمَ أنه للمذكور أولًا، فإنَّ ذلك للإفراد، فلا يصِحُّ معه الجمع.
* * *
(٥١) - {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ}.
وقولُه تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا}: يتَّصِلُ بقوله: {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ}، فإنك رسولٌ، وإرسالٌ الرسلِ كان بأحد هذه الوجوه.
{إِلَّا وَحْيًا}: أي: إيماءً وإشارةً يقع العلمُ بذلك؛ كالإلهام في القلب، والرُّؤيا في المنام:
والأوَّلُ: كما رُوِيَ: "نفَثَ في رُوعِي" (١).
(١) رواه بهذا اللفظ ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣٤٣٣٢)، والشهاب القضاعي في "مسنده" (١١٥١)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٩٨٩١)، والبغوي في "تفسيره" (٦/ ٢٥٤) من حديث ابن مسعود رضي اللَّه عنه.
ورواه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (٢/ ٢٨٨)، والبزار في "مسنده" (٢٩١٤) عن حذيفة رضي اللَّه عنه. =