مُفْرِطين في الجهالة، مُجاوِزين الحدَّ في الضلالة؟! استفهامٌ بمعنى الإنكار؛ أي: لا نفعلُ كذلك.
وقيل: {صَفْحًا}: أي: جانبًا، وصفحةُ الوجهِ جانبُه.
وقيل: هو استعارة، فإنَّ مَن أرادَ صَرْفَ مَرْكَبِه عن جِهَتِه ضرَبَ صفحَتَه بسَوطه، فحوَّلَه عن وجهه.
و {الذِّكْرَ}: قيل: هو القرآن.
وقيل: هو التَّذْكير.
وقيل: هو أنْ يُذَكَّروا بالعقوبة؛ أي: يُعاقَبوا.
وقيل: ضَرْبُ الذِّكْرِ صَفْحًا هو رَفْعُ القرآنِ مِن بين أظهرهم بعد إنزاله فيهم.
وقال الإمام القُشَيري رحمه اللَّه: أي: أفنقطَعُ عنكم خِطابَنا وتعريفَنا بإسرافكم في خلافكم؟! أي: لا نقطَعُ الكلامَ عنكم وإنْ أسرَفْتم، والإشارةُ فيه أنه لا يَقْطَعُ خطابَه اليوم عمَّن تمادى في عِصْيانه، وأسرَفَ في طُغْيانه، نرجو (١) أنَّ مَن لم يُقَصِّرْ في إيمانه -وإنْ تلَطَّخَ بعِصْيانه- ولم يدخُلْ خلَلٌ في عِرْفانه، أنْ لا يَمنَعَ عنه لطائفَ غُفْرانِه، وعوارفَ إحسانِه (٢).
* * *
(٦ - ٧) - {وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (٦) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}.
(١) في "لطائف الإشارات": (فأحرى).
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٣/ ٣٦١).