يقول: جمَعْتُم في هذا الوصف نوعين مِن الجَهالة:
أحدُهما: وصفُ اللَّهِ جل جلاله باتِّخاذِ الأولاد.
والثاني: وصفُه باتِّخاذِ وَضْعِ الجنسين، ولو أنَّ الواحدَ منكم فعَلَ هذا لَنسبتموه إلى سوء الاختيار.
* * *
(١٧ - ١٨) - {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (١٧) أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ}.
وقولُه تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ}: أي: بقِيَ في كلِّ يومه مُتَغَيِّرَ اللَّونِ، ظاهِرًا عليه أثَرُ المُساءَةِ والكآبة.
{وَهُوَ كَظِيمٌ}: أي: مَمْلوءٌ غَمًّا وغَيْظًا.
وقولُه تعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ}: قرأ حمزةُ والكسائيُّ وعاصمٌ في رواية حفصٍ بضم الياء وتشديد الشين؛ أي: يُرَبَّى، وقرأ الباقون بفتح الياء وتخفيف الشين؛ أي: يَتربَّى (١).
يُقال: أَنْشَأَه اللَّهُ ونَشَّأَه فنَشَأَ؛ كما يُقال: أَنْبَتَه اللَّهُ ونبَّتَه فنبَتَ، قال تعالى: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً} الواقعة: ٣٥، وأصلُ الكلمةِ مِن الظُّهور والطُّلوع؛ يُقال: نشَأَتِ السَّحابةُ، إذا ظهَرَتْ وطلَعَتْ.
وقولُه تعالى: {فِي الْحِلْيَةِ}؛ أي: في الزِّينة؛ أي: يُنَفَّقُ مما يُحَلَّى به مِن الذهب والفضة واللُّؤْلُؤ.
(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٥٨٤)، و"التيسير" للداني (ص: ١٩٦).