قولُه تعالى: {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ}: قرأ نافع: {أَأُشْهِدُوا}؛ كما في قوله: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ} الكهف: ٥١.
وقرأ الباقون: {أَشَهِدُوا}؛ كما في قوله: {أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ} الصافات: ١٥٠ (١).
وهو استفهامٌ بمعنى النَّفْيِ، أبطَلَ مقالتَهم بكل الوجوه.
{سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ}؛ أي: أقالوا هذا عن مُشاهدة أنهم شاهَدوا خَلْقَ اللَّهِ إياهم إناثًا؟! ولا مُشاهدةَ لهم على هذا، ولو ادَّعَوا ذلكَ لكابروا.
{سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ}: أي: على الملائكة بالزُّورِ {وَيُسْأَلُونَ}: عنها، فلا يَجدون مَخْرَجًا عنها، فيُعاقَبون.
وقيل: ستُكتَبُ دَعْواهم أنهم شهِدوا خَلْقَهم.
* * *
(٢٠ - ٢١) - {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (٢٠) أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ}.
وقولُه تعالى: {أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ}: أي: مِن قَبْل قولِهم هذا.
وقيل: أي: مِن قَبْل القرآن، فقد سبَقَ ذِكْرُه: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا}.
{فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ}: أي: أم قالوا ذلك بحُجَّةِ سَمْعٍ أتاهم مِن عند اللَّه مِن كتابٍ أنزلَه اللَّه؟! وليس لهم ذلك، وإذا لم يكن لهم سَمْعٌ ولا عَقْلٌ ولا مُشاهدةٌ بطَلَ قولُهم.
(١) انظر المصدرين السابقين.