يستعملَه فيما يَحتاجُ إليه بما يتعلَّقُ بصنعته، وينتفِعَ العاملُ بما يأخذُه مِن أجره، فيتعيَّشَ كلُّ واحدٍ منهما بصاحبه.
وفي "ديوان الأدب": {سُخْرِيًّا}: ما كان مِن السُّخْرة فهو مضموم، وما كان مِن الهُزْء فهو مكسور (١).
وقولُه تعالى: {وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}: أي: النبوةُ خيرٌ مِن الأموال المجموعة، وإذا كانت قِسْمةُ هؤلاء إلى اللَّه تعالى دون خَلْقِه، فالأوَّلُ أولى بذلك.
وقيل: {وَرَحْمَتُ رَبِّكَ}؛ أي: النبوةُ يا محمد (٢) {خَيْرٌ مِمَّا} كانوا (٣) {يَجْمَعُونَ} مِن الأموال التي هي لهؤلاء، فليس لهم فضيلةٌ عليه، بل له عليهم.
وقيل: ورحمةُ اللَّهِ عبادَه بالإسلام خيرٌ مما يجمعون مِن الأموال، فلا ينبغي لهم أنْ يتعظَّموا بها، بل يلزَمُهم الانقيادُ لِمَن خصَّه اللَّه بالنبوةِ، والإيمانُ به لِيَنالوا رحمةَ اللَّهِ.
* * *
(٣٣) - {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ}.
ثم ذكَرَ قِلَّةَ خطَرِ الأموال، فقال: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً}: أي: ولولا أنْ يرغَبَ الناسُ في الكفر إذا رأوا الكفار في سَعَةٍ.
وقال الحسن رحمه اللَّه: لولا أنْ يتتابعُوا في الكفر (٤).
(١) انظر: "ديوان الأدب" للفارابي (١/ ١٧٦).
(٢) في (أ): "بمحمد"، وفي (ر): "لمحمد" بدل: "يا محمد".
(٣) "كانوا" ليست في (أ).
(٤) ذكره عنه بهذا اللفظ السمرقندي في "تفسيره" (٣/ ٢٥٧). ورواه الطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٥٨٧).