يقَعُ به التَّسَلِّي حتى (١)؛ كما يكون في الدنيا يَنْزِلُ بالجُملة فيقعُ به بعضُ (٢) السَّلْوَةُ.
وقولُه تعالى: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}: استفهام بمعنى النَّفْي؛ يعني: إنَّكَ يا محمد لستَ بقادرٍ على أنْ تُسْمِعَ مَن أصمَمْناه، وتُبْصِرَ مَن أعميناه، وتُرْشِدَ مَن أغويناه، آيَسَه عن إيمان قومٍ علِمَ أنهم لا يُؤمنون أبدًا.
* * *
(٤١ - ٤٢) - {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (٤١) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ}.
ثم طيَّبَ قلبَه فقال: {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ}: (إما) كلمتان: (إنْ) للشرط، و (ما) للتأكيد، والنونُ للقسَم.
يقول: إنْ ذهَبْنا بكَ عن الدنيا، فإنا ننتقِمُ لكَ ممَّنْ آذاكَ وأساءَ إليكَ وجَفاكَ.
{أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ}: عاقَبْناهم في حياتكَ.
{فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ}: قادرون على ذلك وعلى كل شيء.
وقال الإمام القُشَيري: أثبتَه على حدِّ الخوف والرجاء، ووقَفَه على وصف الإبهام والإخفاء؛ لانفرادِه سبحانه بعلم الغيب، وكذلك الواجبُ على كلِّ عبدٍ أنْ يكونَ مِن نظَّارة التَّقدير، ويفعلُ اللَّهُ ما: يُريد (٣).
* * *
(٤٣ - ٤٤) - {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٣) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}.
(١) "حتى" من (أ).
(٢) في (ر) و (ف): "فيقع للبعض بالبعض".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٣/ ٣٦٨).