وقولُه تعالى: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ}: أي: ينقُضُون عهدَهم بالإيمان؛ أي: كانوا قالوا له: نؤمنُ بكَ، فلم يُؤمنوا.
قولُه تعالى: {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ}: قيل: خطَبَ.
وقيل: نادى في الناس بالاجتماع، فلما اجتمَعوا عنده.
{قَالَ يَاقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ}: استفهامٌ بمعنى التَّقْرير.
أي: إنَّ لي مُلْكُ مصرَ، أملِكُ أهلَها وأُصَرِّفُهم على ما أشاءُ مِن حُكْمي، وهذه الأنهار -أي: نيلُ مصرَ وسائرُ الأنهار المُتَشَعِّبَة منه- تجري مِن تحتي، فمصرُ على عِظَمِها كالبُسْتان لي، أفلا ترون ما ذكرتُه لكم؟! فكيف تنحرِفون عني إلى موسى وهو لا يملِكُ شيئًا؟!
وقولُه تعالى: {لِي مُلْكُ مِصْرَ}: هي أربعون فَرْسَخًا في أربعين فَرْسَخًا.
وقولُه تعالى: {تَجْرِي مِنْ تَحْتِي}؛ أي: حولَ قُصوري.
وقيل: أي: تحت يدي.
وقيل: كانت الأنهارُ أربعةً: نهرُ دِمْياطَ، ونهرُ تِنِّيسَ (١)، ونهرُ طُولُونَ، ونهرُ الملكِ.
وقيل: خمسةً: نهرُ الفَيُّومِ، ونهرُ دِمْياطَ، ونهرُ البَرَلُّسِ، ونهرُ رَشيدٍ، ونهر الإِسْكَنْدَرِيَّة.
وهذه الأنهار تنشَقُّ مِن النِّيل، وكان فرعونُ يخرُجُ مِن الفَيُّوم إلى دِمْياطَ مَسِيرةَ خمسةَ عشَرَ يومًا لا تُصيبُه الشَّمسُ مِنِ التفافِ الشَّجَر.
(١) في النسخ الثلاث: "التفليس"، والمثبت موافق لما في "تفسير الثعلبي" (٨/ ٣٣٩)، و"الكشاف" للزمخشري (٤/ ٢٥٧).
وتِنِّيسُ: جزيرة في بحر مصر قريبة من البر، ما بين الفرما ودمياط. انظر: "معجم البلدان" (٢/ ٥١).