{وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ}: أي: عِبْرَةً وآيةً يُتَمَثَّلُ بها في الاستدلال على قُدْرة اللَّه تعالى.
وقولُه تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ}: له وجوه:
أحدُها: ولو نشاءُ لجعَلْنا مِن الإنس ملائكةً بأنْ نخلُقَهم على صُورة الإنس -وإنْ كان خِلافَ العادة؛ كخَلْقِ عيسى مِن غير أبٍ خِلافَ العادةِ- في الأرض يَخْلُفُ بعضُهم بعضًا.
والثاني: لو نشاءُ لقَلَبْنا بعضَكم أو جميعَكم ملائكةً يخلُفُونكم في الأرض؛ كما جعَلْنا هؤلاء الملائكةَ الذين تعبدونهم سُكَّانَ السماوات، فليس إِسْكانُهم في السماء يُوجِبُ لهم إِلَهِيَّةً.
والثالثُ: {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ}؛ أي: بدَلَكم {مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ}: يخلُفُونكم.
* * *
(٦١ - ٦٢) - {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}.
وقولُه تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ}: قيل: إنَّ محمدًا يُعْلَمُ به قيامُ الساعة؛ لأنَّه نبيُّ آخرِ الزَّمان.
وقيل: إن عيسى إذا نزل من السماء يعلم (١) به قيامُ الساعةِ.
وقُرِئَ: (لعَلَم) بفتح العين واللام (٢)؛ أي: علامةٌ.
(١) في (ر) و (ف): "وقيل إن عيسى إنما نزل من السماء ليعلم".
(٢) نسبت لابن عباس وأبي هريرة وقتادة ومالك بن دينار والضحاك كما في "تفسير الثعلبي" (٨/ ٣٤١)، وعزاها الهذلي في "الكامل" (ص: ٦٣٤) إلى ابن مقسم وابن محيصن وحميد وقتادة.