وقولُه تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}: أي: أعداءٌ يتبَرَّأُ بعضُهم مِن بعض، ويلعَنُ بعضُهم بعضًا، وهم المُتَحَزِّبون على الباطل.
{إِلَّا الْمُتَّقِينَ}: أي: إلا الذين تخالُّوا على تقوى اللَّه، وإظهارِ دين اللَّه.
وقيل: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ}: في حقِّ مُشْركي العرب (١)، ويتَّصِلُ بقوله: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا}؛ أي: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}: الذين يتَخالُّون على مُخالَفة الرسول، ويتمنَّى بعضُهم لبعض النبوةَ، ويقول: {لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} الزخرف: ٣١.
* * *
(٦٨ - ٧٠) - {يَاعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٦٨) الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (٦٩) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ}.
وقولُه تعالى: {يَاعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ}: أي: يقولُ اللَّهُ تعالى هذا للمتقين.
{الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ}: أي: صدَّقوا بالقرآن، وكانوا مُسْتَسْلِمين للَّه تعالى، مُنْقادِين للَّه، مُسْلِمين أنفسَهم لحُكْمِه.
{ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ}: لِيَجْتَمِعَ شَمْلُكم {تُحْبَرُونَ}: أي: تُسَرُّون.
وقيل: هذا (٢) بالسَّماع (٣)؛ كما قال: {فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} الروم: ١٥،
(١) في (ف) و (ر): "قريش".
(٢) في (ر) و (ف): "هو".
(٣) روي في هذا أخبار منها ما رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢٧٨٦) عن مَعمَرٍ، عن يحيى بنِ أبي كَثيرٍ في قوله تعالى: {أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ} الزخرف: ٧٠ قال: قيل: يا رسولَ اللَّه ما الحَبرُ؟ قال: "اللَّذَّةُ والسَّماعُ بما شاء اللَّهُ مِن ذِكرِه".