وقولُه تعالى: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ}: أي: ليسو بمُوقنين، بل هُم مُقَلِّدون شاكُّون.
{يَلْعَبُونَ}: في دينهم، يَدينون بما لا دليلَ على صِحَّته، ولا يتأمَّلون في عاقبته؛ كالصَّبيِّ يلعبُ فيفعل ما لا يَدري كيف عاقبتُه، ولعلَّه يُؤَدِّيه إلى مكروه.
وقولُه تعالى: {فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ}: أي: فانتظِرْ يا محمد.
{يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ}: قال ابن مسعود رضي اللَّه عنه والضحاك: الدُّخانُ: الظُّلْمةُ التي كانت تغشى أبصارَ المشركين مِن قريش لشدَّةِ الجوع حين دعا عليهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "اللهم اجعلْ سِنينَ كسِنِي يوسف" (١).
أي: انتظرْ بهم (٢) نزولَ هذا العذابِ، فإنه كائن.
* * *
(١١) - {يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
{يَغْشَى النَّاسَ}: أي: يَلْبَسُهم ويَعُمُّهم.
{هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}: أي: قرُبَ منكم هذا العذابُ الوجيعُ؛ كما يُقالُ: هذا الشتاء؛ أي: قرُبَ مجيئُه.
وقالوا: إنَّ يُبْسَ الأرضِ يثورُ منه في الهواء شِبْهُ الدُّخان مِن الغُبار المُتَكَدِّر الذي يَشُوبُه ظُلْمَة، والعرب تُسَمِّي سَنَةَ المَجاعةِ غَبَرًا، وسمَّوا السَّنَةَ التي كان فيها قَحْطٌ في زمن عمر رضي اللَّه عنه عامَ الرَّمادة.
(١) رواه مطولًا البخاري (١٠٠٧)، ومسلم (٢٧٩٨)، وعبد الرزاق في "تفسيره" (٢٨٠٣)، والطبري في "تفسيره" (٢١/ ١٤) من حديث ابن مسعود رضي اللَّه عنه.
وذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" (٤/ ٨٩) عن مجاهد وأبي العالية والضحاك وابن السائب ومقاتل.
(٢) في (أ): "انتظرهم".