وقيل: يُعَلِّمُه جَبْرٌ ويَسارٌ أبو فُكَيْهَةَ (١)؛ كما قال: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} النحل: ١٠٣.
{مَجْنُونٌ}: لا عَقْلَ له، فإذا لم يتَّعِظوا بالقرآن، وبما كان مِن رسول اللَّه تعالى مِن البَيان والبُرْهان، فكيف بالدُّخان؟!
* * *
(١٥ - ١٦) - {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (١٥) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ}.
وقولُه تعالى: {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا}: أي: بعضَ هذا العذابِ نمتَحِنُهم بالشكر والوفاء بالعَهْد، أو: نكشِفُه مدةً قليلةً.
وقولُه تعالى: {إِنَّكُمْ عَائِدُونَ}: أي: تَعودون إلى الكفر الذي كنتم فيه، ثم قال: {نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ}: وفيه اختصارٌ وتقديمٌ وتأخيرٌ؛ أي: فإذا عُدتُم فإنا مُنْتَقِمون منكم {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى}؛ أي: يوم نأخُذُكم الأَخْذَةَ العُظْمى؛ أي: بعذابٍ هو أكبرُ مِن الأول.
* * *
(١٧) - {وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ}.
وقولُه تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ}: هكذا؛ كما قال: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا
(١) روى الطبري في "تفسيره" (١٤/ ٣٦٧) عن عبد اللَّه بن مسلم الحضرمي: أنه كان لهم عبدان من أهل عير اليمن، وكانا طفلين، وكان يقال لأحدهما يسار، والآخر جبر، فكانا يقرآن التوراة، وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ربما جلس إليهما، فقال كفار قريش: إنما يجلس إليهما يتعلم منهما. وانظر ما تقدم عند تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} الفرقان: ٥، وقوله: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} النحل: ١٠٣.