وفي قوله تعالى: {نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} التحريم: ٣ هو الإظهار؛ أي: الإطلاع؛ فقد قال قَبْله: {وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ} التحريم: ٣ أي: أَطْلعه.
ومعنى قوله: {أَنْبِئُونِي}؛ أي: أخبروني بأسماءِ هؤلاء المسمَّيات، ودلَّت الآيةُ أنَّ الاسمَ هاهنا هو التسميةُ، وهو غيرُ المسمَّى، فإنَّه أَضاف الأسماءَ إلى {هَؤُلَاءِ}، والإضافةُ دليلُ المغايرة، ثم في الآية كنايتان:
إحداهما: بالهاء والألف، وهي {كُلَّهَا}.
والأخرى: بالهاء والميم، وهي {عَرَضَهُمْ}.
ولا يرجعان إلى شيءٍ واحدٍ، بل التأنيث يَرجع إلى التسميات، والجمعُ يَرجع إلى المسمَّيات، وهي كقوله (١) تعالى: {مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ} محمد: ١٣ التاءُ تَرجع إلى القرية، والجمعُ يَرجع إلى أهلها.
وتعلَّق القائلون بجواز تكليفِ ما لا يُطيقه العبدُ بهذه الآية؛ أنَّ اللَّهَ تعالى خاطبهم بما لم يُطيقوه.
وقلنا: هذا ليس بخطابِ تكليفٍ، بل هو خطابُ تعجيزٍ، كقوله: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} البقرة: ٢٣ وقولِ إبراهيمِ لنمروذ: {فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ} البقرة: ٢٥٨ ولأَنَّه معلَّق (٢) بالشرط، وهو قوله: {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}؛ أي: في قولكم: نحن أفضلُ منه، والفضلُ بالعلم، فإنْ كنتم أعلمَ منه فأنبئوا (٣) بما علِمتم، والمعلَّق بالشرط لا يُوجَد قبل وجودِ الشرط.
(١) في (ف): "يرجع إلى الذوات كما في قوله".
(٢) في (أ): "تعلق".
(٣) في (ر) و (ف): "فأنبئوني".