وهؤلاء في الآخرة لهمُ الثَّوابُ، وهؤلاء لهم العِقابُ، وعند الموت: هؤلاء {تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ} النحل: ٣٢، وهؤلاء {تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} الآية النحل: ٢٨.
وقيل في أوَّلِ هذه الآية: إنَّ (أمْ) للعطف على ألف الاستفهام، وتقديرُه هاهنا: واللَّه وليُّ المتقين، أفيعلَمُ المشركون هذا، أم يحسَبون أنَّا نتولَّاهم كما نتولَّى المتقين فنُسَوِّيَ بين الفريقين في المَحْيا والممات، فنُؤْتيَ المُسيءَ في الآخرة مِن نعيمها كما نُؤتيه في الدنيا مِن نعيمها؟!
ولن نفعلَ ذلك، بل نخُصُّ المُحْسِنَ بنعيم الآخرة وإنْ عمَمْنا الفريقين بنعيم الدنيا، وهو كقوله: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} الأعراف: ٣٢.
* * *
(٢٢) - {وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}.
وقولُه تعالى: {وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ}: أي: بالأمرِ الحقِّ، وله وُجوهٌ أُخَرُ مرَّ ذِكْرُها مرَّاتٍ.
{وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ}: أي: مِن خير وشر {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}.
* * *
(٢٣) - {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}.
ثمَّ آيَسَ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن إيمانِ مَن عَلِمَ منهم أنهم لا يؤمنون، فقال:
{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ