وقولُه تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا}: أي: المشركون {لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ}؛ أي لو كان هذا الكتابُ خيرًا مما نحن فيه مِن التَّدَيُّنِ بعبادة الأوثان (١) ما سبَقَنا إليه هؤلاء؛ إذ هُم سفلَتُنا.
{وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ}: أي: وإذ لم يتدبَّرِ الرُّؤَساءُ هذا القرآنَ استثقالًا منهم للنَّظَر، واستكبارًا عن الانقياد للمَرْؤُوسين عندهم، كابَروا فقالوا: {هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ}؛ أي: كذِبٌ مُتَقادِمٌ، وهو كقولهم: أساطيرُ الأولين.
* * *
(١٢) - {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِر الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ}.
{وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى}: أي: قَبْلَ القرآنِ كتابُ موسى، وهو التوراةُ، وهو مُصَدِّقٌ له، ومُبَشِّرٌ به وبمحمد الذي يجيءُ به، فكيف يكون إِفْكًا؟!
{إِمَامًا}: أي: قُدْوةً، نُصِبَ لأنه نكرةٌ لا نُعِتَ به معرفةٌ، فكان قَطْعًا.
{وَرَحْمَةً}: لِمَن اتَّبَعه واهتدى به.
{وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ}: أي: القرآنُ مُصَدِّقٌ لكتاب موسى.
{لِسَانًا عَرَبِيًّا}: أي: هو بلسانٍ عربيٍّ لا يُشْكِلُ على هؤلاء.
{لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا}: قرأ ابنُ كثير في روايةٍ: {لِتُنْذِرَ} بتاء المخاطبة للنبيِّ عليه السلام، وقرأ الباقون بياء المُغَايبة؛ أي: القرآنُ (٢).
(١) في (ف): "الأصنام".
(٢) قرأ نافع وابن عامر والبزي عن ابن كثير بخلف عنه بالتاء، والباقون بالياء. انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٥٩٦)، و"التيسير" للداني (ص: ١٩٨).