وقولُه تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا ويُتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ}:
قرأ حمزةُ والكسائيُّ وعاصمٌ في رواية حفص بالنون فيهما، والباقون بالياء على ما لم يُسَمَّ فاعلُه (١)، و {أحسنُ} رُفِعَ لأنه اسمُ ما لم يُسَمَّ فاعلُه؛ أي: يُتَقَبَّلُ عن هؤلاء الأولادِ البرَرَةِ حسناتُهم، ويُتجاوَزُ عن سيئاتهم.
{فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ}: أي: كما هو حُكْمُنا في أصحاب الجنة.
{وَعْدَ الصِّدْقِ}: أي: وعَدْناهم بذلك وَعْدًا صِدْقًا، وهو إضافةُ الشيءِ إلى نَعْتِه.
{الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ}: ودلَّتْ صيغةُ الجَمْع في آخره أنَّ الآيةَ في كل الأولادِ البرَرَةِ.
* * *
(١٧) - {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}.
{وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا}: وهذا في حقِّ الأولادِ العاقِّين الأشرارِ.
{أُفٍّ لَكُمَا}: أي: قَذَرًا لكما.
{أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ}: أي: مِن قبري بعد أنْ صِرْتُ رَميمًا، وتَدْعُوانِني إلى الإيمان به.
{وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي}: أي: تَفانَوا، فلم يَرْجِعْ أحدٌ منهم إلى الدنيا.
{وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ}: أي: والوالدان يسألان اللَّهَ لهذا الولدِ السوءِ الهُدى، ويقولان لهذا الولد: {وَيْلَكَ آمِنْ}: أي: صَدِّقْ بالبعثِ {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ}؛ أي: إنَّ وَعْدَ اللَّهِ بالإحياء صِدْقٌ.
(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٥٩٧)، و"التيسير" للداني (ص: ١٩٩).