وقولُه تعالى: {يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا}: أي: قال ذلك بعضُهم لبعضٍ احترامًا للقرآن، ووُصولًا إلى البَيان.
{فَلَمَّا قَضَى}: أي: فُرِغَ مِن القراءة {وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ}: أي: فَهِموا وحفِظوا ورجَعوا فأنذروا قومَهم مُخالفةَ القرآنِ.
* * *
(٣٠ - ٣١) - {قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٠) يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}.
{قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا}: أي: القرآنَ {أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ}؛ أي: التوراةِ {يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ}؛ أي: يُرْشِدُ {وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ}: إلى الإسلام.
وقوله تعالى: {يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ}: أي: محمدًا رسولَ اللَّهِ {وَآمِنُوا بِهِ}: أي: باللَّه.
{يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ}: {مِنْ}: صِلَةٌ زائدةٌ {وَيُجِرْكُمْ}: أي: يُؤَمِّنْكُم {مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}: توقَّفَ أبو حنيفةَ رحمه اللَّه في ثواب الجنِّ في الجنة ونعيمِها، وقال: لا استحقاقَ للعبد على اللَّه، وإنما يُنالُ بالوعد، ولا وَعْدَ في حق الجن إلا هذا، وقولُه تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}: فهذا يُقْطَعُ القولُ به، فأما نعيمُ الجنَّةِ فموقوفٌ على قيام الدليل (١).
* * *
(١) انظر: "تفسير الثعلبي" (٩/ ٢٣)، و"تفسير البغوي" (٧/ ٢٧٠)، و"الكشاف" للزمخشري (٤/ ٣١٢).