وانتظامُ السورتين: أنَّهما في التَّمييزِ بين الأولياء والأعداء، والترغيب والترهيب بالجزاء، وفي هذه السورة خُصوصُ الأمرِ بالجهاد، والإنفاقِ في سبيل اللَّه.
* * *
(١) - {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}.
قولُه تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}: أي: الذين كفروا باللَّه، ومنَعوا غيرَهم عن سلوك سبيل رضا اللَّه تعالى -وهو الإسلامُ-، جعلَ اللَّهُ تعالى فِعْلَهم ضلالًا عن الرُّشْد.
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: أبطَلَ حسناتِهم (١)؛ أي: ما كان مِن جِنْسِ ما يكون مِن المؤمنين حسنةً، كالإطعام، وصِلَةِ الأرحام، وبِرِّ الأيتام، وقِرَى الأضياف، وتَقْوِيَةِ الضِّعاف؛ لأنَّه لا يُعْتَبَرُ شيءٌ مِن ذلك بغير إسلام.
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: هُم المُطْعِمون ببدرٍ أهلُ الثَّرْوة منهم والقُوَّةِ والمَيْسَرةِ، وهم: عُتْبَةُ وشَيْبَةُ ابنا ربيعةَ، ونُبَيْةٌ ومُنَبِّهٌ ابنا الحجاج، وأبو جهل والحارثُ ابنا هشام لعنَهم اللَّهُ، فهؤلاء ستةٌ (٢).
وقال مقاتل: كانوا اثني عشر: هؤلاء الستة، والباقون: عامرُ بن نَوْفَلٍ، وحكيمُ بن حِزامٍ، وزَمْعَةُ بن الأسود، وأبو سفيانَ بن حَرْب، وصَفْوانُ بن أُمَيَّةَ، والعباسُ بن
(١) ذكره الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (٩/ ٢٦٢)، والسمرقندي في "تفسيره" (٣/ ٢٩٦) من غير نسبة، والواحدي في "البسيط" (٧/ ٤٢٥) عن الكلبي، وهو عن ابن عباس رضي اللَّه عنه في "تنوير المقباس" للفيروزآبادي (ص: ٤٢٧). ولعله من رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.
(٢) ذكره السمرقندي في "تفسيره" (٣/ ٢٩٦) عن الكلبي، وذكره عن ابن عباس رضي اللَّه عنه مختصرًا الزمخشري في "الكشاف" (٤/ ٣١٤). ولعله من رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.