وهو كقوله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} الأنفال: ٣٩.
وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ينزِلُ عيسى ابنُ مريمَ حَكَمًا عَدْلًا، يَكْسِرُ الصليبَ، ويقتُلُ الخنزيرَ، وتضَعُ الحربُ أوزارَها" (١)؛ أي: ويُسْلِمُ الناسُ حتى لا يبقى في الأرض مشركٌ.
وقولُه تعالى: {ذَلِكَ}: أي: هذا الذي ذكَرْناه هو حقٌّ.
{وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ}: أي: لانتقَمَ منهم بغير قتالٍ منكم.
{وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ}: أي: ولكنْ أمرَكم بالجهاد لِيُظْهِرَ منكم ما علِمَ في الأزَل مِن الائتمارِ بالأمر وتَرْكِه.
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: لِنَخْتَبِرَ المؤمنَ بالمُشْركِ، والمُعافى بالمُبْتلى، والصَّحيحَ بالسَّقيمِ (٢).
{وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}: أي: استُشْهِدوا، ومَن قرأ: {قاتَلوا} فمعناه: جاهَدوا (٣).
{فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ}: أي: فلن يُضَيِّعَ ولن يُبْطِلَ أعمالهم كما أضلَّ أعمالَ الكفارِ، بل يُثِيبُهم عليها أعظمَ الثوابِ.
= في "المحرر الوجيز" (٥/ ١١١) بلفظ: حتى يسلم الجميع، فتضع الحرب أوزارها.
وذكر نحوه الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (٩/ ٢٦٥)، وهو الأقرب لنص المصنف رحمه اللَّه.
(١) رواه الإمام أحمد في "مسنده" (٩٣٢٣) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه. وإسناده صحيح، ورواه البخاري (٢٢٢٢)، ومسلم (١٥٥)، دون قوله: "وتضع الحرب أوزارها".
وورد ضمن حديث طويل رواه ابن ماجه (٤٠٧٧) عن أبي أمامة الباهلي رضي اللَّه عنه.
(٢) لم أقف عليه. وفي (ف): "المؤمن من المشرك والمعافى من المبتلى والصحيح من السقيم".
(٣) قرأ أبو عمرو وحفص: {قُتِلُوا}، والباقون: {قَاتَلُوا}. انظر: "السبعة" (ص: ٦٠٠)، و"التيسير" (ص: ٢٠٠).