منهم مَجْلِسَكَ الذي تتلو فيه القرآنَ ووتبيِّنُ معانيَه {حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}: باللَّهِ وكتابِه ودِينِه مِن أصحابكَ.
{مَاذَا قَالَ آنِفًا}: أي: أيُّ شيءٍ قال محمد الآنَ؟
ولهذا الكلام وجهان:
أحدُهما: أنْ يسمعَ الإنسانُ ولا يفهَمَ؛ لِشُغْلِ قلبِه بشيءٍ آخرَ.
والثاني -وهو أشبَهُ-: أنْ يُقال على سبيل التَّهاوُنِ بما سَمِعَ والاستهزاءِ به.
{أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}: جُمِعَ هذا مع (١) توحيد أوَّلِ الكلام؛ لِمَا مرَّ أنه ذَكَرَ كلمةَ (مَن).
{وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ}: كذلك؛ أي: لا يَخْلُصُ فَهْمُ القرآن إلى قلوبهم؛ لأنَّ اللَّه تعالى ختَمَ عليها لِعِلْمِه باختيارهم ذلك، ولاتِّباعهم أهواءَهم دون الحق.
ويجوزُ أنْ يكون هذا في المشركين، ويجوزُ أنْ يكون هذا في المنافقين.
* * *
(١٧ - ١٨) - {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (١٧) فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ}.
ثم ذَكَرَ الذين يُخالِفونهم، فقال:
{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا}: بالقرآن {زَادَهُمْ هُدًى}: أي: زادَهم اللَّهُ تعالى؛ أي: أدامَهم اللَّهُ تعالى على الهدى.
وقيل: والذين اهتدوا بالإيمان زادَهم القرآنُ رَشَدًا وبَصيرةً في دينهم.
(١) في (ف): "على".