وقولُه تعالى: {الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ}: قيل: رجَعوا عن طاعة اللَّه تعالى في الجهاد، فهُم هؤلاء المنافقون.
{مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى}: أي: حَقِّيَّةُ الإسلامِ.
{الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ}: أي: زيَّنَ لهم أعمالَهم.
{وَأَمْلَى لَهُمْ}: أي: أطالَ لهم الثَّباتَ فيه، وهو كقوله: {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ} الأعراف: ٢٠٢.
وقرأ أبو عمرو: {وَأُمْلِيَ لهم} على ما لم يُسَمَّ فاعلُه (١)؛ أي: أمهلَهم اللَّهُ.
* * *
(٢٦) - {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ}.
وقولُه تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ}: أي: قال المنافقون للمشركين الذين كرِهوا ما نزَّلَ اللَّهُ، فقد قال في هذه السورة: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ} إلى أنْ قال: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ}.
{سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ}: أي: في بعض ما تُدَبِّرونه على المسلمين مِن المَهالِكِ، والمرادُ بالبعض: السِّرُّ، لا الجَهْرُ.
وقولُه تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ}: قرأ حمزةُ والكسائيُّ وعاصمٌ في رواية حفصٍ: {إِسْرَارَهُمْ} بكسر الألف، وهو مصدرٌ، والباقون بفتحها (٢)، وهي جَمْعُ: (سِرٍّ).
(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٦٠٠)، و"التيسير" للداني (ص: ٢٠١).
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٦٠١)، و"التيسير" للداني (ص: ٢٠١).