وقيل: -وهو قول الجمهور-: كان بوضع الوجهِ على الأرض كما هو في الصلاة، ودليلُه قولُه تعالى في آية أخرى: {فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} الحجر: ٢٩.
ثم اختُلف في أنَّه كان لآدم أو للَّه تعالى (١):
قيل: كان عبادةً للَّه تعالى، ومعنى قوله: {لِآدَمَ}؛ أي (٢): إلى آدم، فكان هو قبلةً أُمروا بالتوجُّه إليها، والسجودُ كان عبادةً للَّه تعالى.
وقيل -وهو الصحيح-: بل كان لآدمَ؛ ولو كان للَّه تعالى ما امتنع إبليسُ مِن العبادة للَّه تعالى، ولا فرقَ بين كون آدمَ قبلةً وبين غيرِه.
ثم اختُلف أنَّه كان له على الخصوص، أو كيف كان؟:
قال قتادة: كان خدمةً للَّه تعالى، حرمةً لآدم، كصلاة الجنازة عبادةٌ للَّه تعالى دعاءٌ للميت (٣).
والصحيحُ أنَّه كان تحيةً لآدمَ على الخصوص، ولذلك امتَنع إبليسُ عنه، فلم يرَ آدمَ مستحِقًّا لتعظيمه فأَبى واستكبر، ولم يكن عبادةً لآدمَ؛ لأنَّ العبادةَ لا تكون (٤) إلَّا للَّه تعالى، وكان سجودُ التحية جائزًا فيما مضى ثم نُسخَ، قال اللَّهُ تعالى في قصَّة يوسف: {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} يوسف: ١٠٠ ولمَّا أراد سلمانُ أن يسجدَ لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-
(١) في هامش (ف): "لما أنبأهم بأسمائهم وعلمهم ما لم يعلموا أمرهم بالسجود له اعترافًا بفضله وأداءً لحقه واعتذارًا عما قالوا فيه".
(٢) "أي": ليست في (أ).
(٣) في (ر): "ودعاء للميت". والخبر رواه الطبري في "تفسيره" (١/ ٥٤٦) بلفظ: فكانت الطاعة للَّه، والسجدة لآدم، أكرم اللَّه آدم أن أسْجَد له ملائكته.
(٤) في (أ): "تجوز".