قالوا: ولم يَغِبْ عنها أحدٌ إلا جابرَ بنَ عبدِ اللَّه، فقسَمَ له رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَسَهْمِ مَن حضَرَ، وانصرفَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مِن الحُدَيْبِيَةِ في ذي الحِجَّة، وأقامَ بالمدينة بَقِيَّةَ ذي الحِجَّة وبعضَ المُحَرَّم، ثم خرَجَ في بَقِيَّةِ المُحَرَّم إلى خيبرَ، وخرجَ معه مَن شَهِدَ الحُدَيْبِيَةَ، فلما سمِعَ هؤلاء المنافقون بهذا الوعد قالوا لهم حين قصَدوا خيبر:
{ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ}: فإنا قد أَوْضَحْنا عُذْرَنا في التَّخَلُّف عن الحُدَيْبِيَةِ، فمنعَهم النبيُّ بأمرٍ مِن اللَّه تعالى:
{يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ}: قرأ حمزةُ: {كَلِمَ اللَّهِ}، وقرأ الباقون: {كَلَامَ اللَّهِ} (١)؛ أي: يريدون أنْ يُغَيِّروا كلامَ اللَّه، حيث قال لرسوله: لا تأذَنْ لهم بالخروج إلى غزوةٍ أخرى معكَ.
{قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا}: أي: في المَسِير إلى خيبرَ إلَّا مُتَطَوِّعين مِن غير أنْ يكونَ لكم (٢) شِرْكةٌ في الغنيمة (٣).
{كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ}: أنَّهم لا يَتَّبِعونكم، وقيل: أنَّ خيبرَ لكم خاصَّةً.
{فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا}: أي: على الغنيمة، فتُريدون أنْ تنفردوا بها.
{بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا}: ولو فقِهوا لَكَفُّوا عن مَسْأَلتِكم الإذنَ لهم بعد إخباركم إياهم أنَّ اللَّهَ قد خصَّكم بغنائمِ (٤) خيبرَ.
وقيل: لا يَفْقَهون أنَّ الرسولَ والصحابةَ لا يُحْسَدون، واستثنى القليلَ منهم؛ لِمَا أنَّ بعضَهم أَخْلَصَ بعد ذلك.
(١) انظر: "السبعة" (ص: ٦٠٤)، و"التيسير" (ص: ٢٠١)، عن حمزة والكسائي.
(٢) في (أ): "من غير أن لهم".
(٣) في (ر): "المغنم".
(٤) في (أ): "مغانم".