(١٩) - {وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا}.
{وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا}: قيل: لَمَّا سمِعَ أهلُ القرى المجاورةِ لِخيبرَ ما جرى عليها، صالَحوا رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على الشَّطْر مِن قُراهم، وفَدَكُ في جُمْلَتها، فهي مِن المغانم الكثيرة.
{وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا}: أي: مَنيعًا لا يُغالَبُ {حَكِيمًا}: فيما يَحْكُمُ به، فلا يُعارَضُ.
* * *
(٢٠) - {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}.
قولُه تعالى: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا}: أي: بعد خيبرَ، وقد فُتِحَ عليه بعد ذلك حُنَينٌ وأَوْطاسٌ وفارسُ والرُّومُ.
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: هو كلُّ فتحٍ يكون إلى يوم القيامة (١).
وقولُه تعالى: {فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ}: أي: خيبرَ {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ}: قيل: أي: حُلفاءِ خيبرَ -وهم أسدٌ وغَطَفانُ- جاؤوا لِنُصرةِ أهل خيبرَ، فقذفَ اللَّهُ في قلوبهم الرُّعْبَ فانصرفوا، وكان عليهم مالك بن عوف النَّصْريُّ وعُيَيْنَةُ بنُ حُصْنِ بن بدرٍ الفَزَارِيُّ، هابوا فانصرَفوا.
{وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}: أي: لِتكونَ هزيمتُهم مِن غير قتال عِبْرةً للمؤمنين، ودِلالةً على حُسْنِ صُنع اللَّه تعالى بالمسلمين.
{وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}: أي: ولتَسْلُكوا في كلِّ أحوالكم هذه الطريقةَ المستقيمةَ في الثِّقة باللَّه تعالى على مواعيده.
(١) ذكره عنه السمرقندي في "تفسيره" (٣/ ٣١٧)، وقال الواحدي في "الوسيط" (٢٠/ ٣٠٦): هو قول الجميع.