وقولُه تعالى: {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ}: أي: صفَتُهم؛ كما قال: {مَثَلُ الْجَنَّةِ} محمد: ١٥، وقال: {وَلَهُ اَلْمَثَلُ الْأَعْلَى} الروم: ٢٧.
أي: ذُكِروا في التوراة أنهم أشَدُّ على الكفار. . . إلى آخره.
وقولُه تعالى: {وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ}: هذا على حقيقة المَثَل.
{كَزَرْعٍ}: أي: مَثَلُهم في توادِّهم وتراحُمِهم فيما بينهم، وتآلُفِهم على الجهاد في سبيل اللَّه، ونُصْرَةِ دِين اللَّه؛ كزَرْعٍ.
{أَخْرَجَ شَطْأَهُ}: قال الأخفشُ: أي: فِراخَه (١). وقيل: قوائمَه. وقيل: سُنْبُلَه.
وقال الفراء: هو أنْ يُنْبِتَ سبعًا وثمانيًا وعشرًا (٢).
قرأ ابنُ كثيرٍ وابنُ عامرٍ بنصب الشين والطاء، والباقون بتسكين الطاء (٣)، وهما واحدٌ.
وقولُه تعالى: {فَآزَرَهُ}: أي: قوَّى الشَّطْءُ أَصْلَ الزَّرعِ بالتفافِه عليه وتكاثُفِه.
{فَاسْتَغْلَظَ}: أي: فغلُظَ قَصَبُ الزَّرع.
{فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ}: جَمْعُ ساق.
{يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ}: أي: يروقُ هذا الزَّرْعُ الزَّارِعَ.
تمثيلُ إعجابِ النَّبيِّ عليه السلام بأصحابه، وتوافُقِهم على الطاعة، وتظاهُرِهم
(١) ذكره عنه الماوردي في "النكت والعيون" (٥/ ٣٢٣)، وهو قول أبي عبيدة في "مجاز القرآن" (٢/ ٢١٨).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ٦٩).
(٣) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٦٠٤)، و"التيسير" للداني (ص: ٢٠٢).