وقال هارون القارئُ على هذا: (لا يَأْلِتْكم)؛ أي: لا يُغَلِّظْ عليكم، وتحقيقُه: {وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} بالأعمال بعد تصحيحِ الاعتقاد بالقلب، والإقرارِ باللِّسان، لا يُغَلِّظْ عليكم شيئًا مِن الأعمال؛ أي: الشَّرائعُ كلُّها سَهْلَةٌ سَمْحَةٌ لا غِلَظَ فيها.
{إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}: يغفِرُ ما كان مِن الذُّنوب قبلَ (١) التوبة والإخلاص.
* * *
(١٥ - ١٦) - {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}: أي: صدَّقوا بقلوبهم، وأقرُّوا بألسِنَتِهم.
{ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا}: أي: لم يَشُكُّوا.
{وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}: أي: أعداءَ اللَّهِ.
{أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}: المُحَقِّقون دَعْواهم، المُسْتَكْمِلون معناهم.
ولَمَّا نزلَتْ هذه الآيةُ جاؤوا وحلَفوا أنَّهم مُخْلِصون، فنزلَ قولُه تعالى:
{قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ}: التَّعليمُ هو الإعلامُ؛ كالتَّعْظيمِ هو الإعظامُ، استفهامٌ بمعنى التَّوبيخِ والإنكارِ.
{وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}: مِن الإخلاصِ والنِّفاقِ وغيرِ ذلك.
* * *
(١) في (ر): "بعد"، والمثبت من باقي النسخ، والمعنى واحد على أن تعلق (بعد) بـ "يغفر"، أو تعلق (قبل) بحال من "الذنوب".