وكذا قال مجاهدٌ وجماعةٌ (١).
وقالوا: الغرَضُ بالقسَمِ تأكيدُ المَحْلُوفِ عليه، وتعظيمُ المَحْلُوف به، وذِكْرُ هذه الأشياءِ تَذْكِيرٌ مِن اللَّه تعالى بأنها نِعَمٌ عظيمةٌ.
وقال جَعْفَرٌ الصَّادِقُ: أضمَرَ في هذه الأشياءِ اسمَ اللَّهِ تعالى، وتقديرُها: وَرَبِّ الذَّاريات ذَرْوًا. .، إلى آخرها (٢)، وهو قسَمٌ بنفْسِه، وتعظيمٌ بحالِ ما أَقْسَمَ عليه.
وقيل: هذه الأشياءُ كلُّها الرِّياحُ، والعَطْفُ بالفاء دليلُ الاتِّحادِ وتعاقُبِ هذه الصفات على ذاتٍ واحد، فتَذْروا، وتَحْمِلُ السَّحابَ المُوقَرَةَ بالماء، وتَجْري بتيسير اللَّه تعالى لها، وتعُمُّ وتُقسِّمُ (٣) الأمطارَ في الأقطار على ما جرَتْ به الأقدارُ.
وقيل: بل هي أربعةُ أشياءَ، والعطفُ بالفاء دليلُ الاتِّصالِ، فالرِّياحُ تَذْرو ذَرْوًا، وتُنْشِئُ السَّحابَ الحاملاتِ وِقْرًا، وتُسَيِّرُ السُّفُنَ الجارياتِ يُسْرًا، والملائكةُ تعمَلُ فيها إذا أمرَها اللَّهُ تعالى بذلك أَمْرًا.
وقيل: الفاءُ لاتِّصالِ الكُلِّ بعضِه ببعضٍ لِتحقيقِ ما أقسَمَ اللَّهُ تعالى عليه، وهو قوله تعالى: {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ}: أي: مَصْدُوقٌ فيه؛ كما يُقال: (ليلٌ نائمٌ).
وقيل: أي: ذو صِدْقٍ؛ كقوله: {فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} القارعة: ٧.
* * *
= الأسئلة، وقد رجع عن مذهب الخوارج وعاود صحبة علي رضي اللَّه عنه.
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢١/ ٤٨٤).
(٢) ذكره الزجاج في "معاني القرآن" (٥/ ٥١)، والسمعاني في "تفسيره" (٥/ ٢٥١)، والواحدي في "البسيط" (٢٠/ ٤٢٥) دون نسبة.
(٣) في (أ): "وتعم وتقسم". وفي (ف): "لها وبقسم".