قولُه تعالى: {وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ}: قرأ أبو عمرو وحمزةُ والكسائيُّ: {وقومِ نوحٍ} بالخفض عطفًا على المذكورات قبلَه: {وَفِي عَادٍ} و {وَفِي ثَمُودَ}.
وقرأ الباقون: {وَقَوْمَ}: بالنصب (١)؛ أي: وأخَذَ اللَّهُ قومَ نوحٍ، أو (٢): واذكُرْ قومَ نوحٍ، والصَّحيحُ هو الأوَّلُ؛ لأنَّ قوله: {مِنْ قَبْلُ} يقتضي وقوعَ فعلٍ بهم مُتَقَدِّمًا على هلاكِ هؤلاء.
{إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}: مُسْتَحِقِّين لذلك.
* * *
(٤٥ - ٤٦) - {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧) وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ}.
{وَالسَّمَاءَ}: أي: ومِن الآيات الدَّالَّةِ على قُدْرَةِ اللَّه تعالى بعد الآيات بهذه القِصَصِ خَلْقُ السَّماءِ.
{بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ}: أي: بقُوَّةٍ، ونَصْبُ السماءِ بإضمارِ فعلِ: (بَنَيْنا)، ودلَّ عليه إعادتُه بعدَه.
{وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}: أي: لنا سَعَةُ خَلْقِها، وخَلْقُ مِثْلِها، وخَلْقُ ما شِئْنا.
وقيل: أي: {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} ما أرَدْنا إيساعَه؛ كما أوسَعْنا السماءَ فجعلناها واسعةً.
وقيل: المُوسِعُ: الغَنِيُّ؛ كما قال: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ} البقرة: ٢٣٦؛ أي: لنا غنًى عنها وعن كلِّ خَلْقٍ.
{وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا}: أي: بسَطْناها، ونَصبُه كنَصْبِ {السماءَ}.
(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٦٠٩)، و"التيسير" للداني (ص: ٢٠٣).
(٢) في (ف): "أي"، وسقطت من (أ) و (ر). والصواب المثبت.