(٥١ - ٥٣) - {وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥١) كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ}.
{وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ}: وهذا ظاهِرٌ.
وقولُه تعالى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}: أي: مِن قَبْلِ هؤلاء المشركين الذين يقولون لكَ: أنتَ ساحرٌ ومجنونٌ.
{مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا} لرسولهم {سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ}: أي: هو ساحِرٌ، أو قالوا: هو مجنونٌ، مِثْلَ هذه الأُمَمِ التي ذَكَرْنا، قال فرعونُ لموسى ذلك، وكذلك سائرُ الكفار.
{أَتَوَاصَوْا بِهِ}: أي: أَتَوافَقوا على ذلك؟ وهو أنْ أوصى بعضُهم لبعضٍ بذلك.
{بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ}: أي: لم يتواصَوا بذلك، بل اجتماعُهم على هذا القول لِرسُلهم لمعنًى جامعٍ جمعَهم على ذلك، وهو طُغيانُهم وعُتُوُّهم على اللَّه، لم يَنْقادوا له، ولم يُتابِعوا (١) رسُلَه، ولم يتركوا رياسَتهم، فكابَروا وواجَهوا الرسلَ بما قالوا.
وقيل: {أَتَوَاصَوْا بِهِ}: هُم قريشٌ، يعني: أوصاهم بذلك آباؤُهم، ثم قال: بل يفعلون ذلك لِطُغيانِ أنفسِهم، والأوَّلُ أَعَمُّ.
* * *
(٥٤ - ٥٥) - {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (٥٤) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}.
{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ}: أي: تَوَلَّ عن مُكافاتِهم ومُبَادَأَتِهم بالقتال.
{فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ}: أي: فما قصَّرْتَ فيما أمَرْناكَ به مِن الدَّعوة.
{وَذَكِّرْ}: وَعِظْ {فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}: أي: العِظَةَ تنفَعُ المؤمنين، فلا تترُكْها لامتناعِ الكفار عن قَبولِها.
(١) في (ف): "يبايعوا".