وكذلك أحوالُ الأحبابِ، وتكلَّموا فيه:
فقيل: الأقربُ إلى الأدَبِ السُّكوتُ، فإنه ما أخفاه ليكون لكلِّ أحدٍ إظهارُه.
وقيل: قَدَّرَ ما وقَفَ عليه بخَبَرٍ أو أثَرٍ أو استدلالٍ، فلا بأسَ بِذِكْرِه.
وقيل: أوحى إليه قولَه تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ} البقرة: ٢٨٥ إلى آخره، كان ذلك وحيًا إليه في ذلك المقامِ بغير واسطة جبريل.
وقال ابن عباس: قال اللَّهُ تعالى له: عَبَدْتَنا في الخَلْوَةِ، فاشْفَعْ لِأُمَّتِكَ في الخَلْوَةِ (١).
وقالت عائشةُ: سألتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ذلك فقال: "هو قولُ اللَّهِ تعالى: لولا العِتابُ ما كان معَ أُمَّتِكَ الحِسابُ" (٢).
ورُوِيَ: أنَّ اللَّهَ تعالى قال له: "قل لأُمَّتِكَ: إنْ أَحْبَبْتُم أحدًا لإحسانه إليكم فأنا أولى به منكم لِكَثْرَةِ نِعمتي عليكم، وإنْ أنتم خِفْتُم أحدًا مِن أهل السماء والأرض فأنا أولى بذلك لِكَمال قُدْرتي، وإنْ أنتم رَجَوْتُم أحدًا فأنا أولى بذلك لأنِّي أُحِبُّ عِبادي، وإنْ أنتم استحيَيْتُم مِن أحد لِجَفائِكم إياه فأنا أولى بذلك لأنَّ منكم الجَفاءَ ومني الوَفاء، وإنْ أنتم آثَرْتم أحدًا بأموالكم وأنفسكم فأنا أولى بذلك لأني مَعْبودُكم، وإنْ صَدَّقْتُم أحدًا في وعده فأنا أولى بذلك لأني أنا الصَّادقُ" (٣).
وقال سعيدُ بنُ جُبيرٍ: أوحى اللَّهُ إليه: ألَمْ أَجِدْكَ يتيمًا فآوَيْتُكَ، ووجدتُكَ ضالًّا
(١) ذكره الصفوري في "نزهة المجالس" (٢/ ١١٩)، ولعله نقله عنه المصنف.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) لم أقف عليه.