وقيل: هو في حَقِّ كلِّ مَن تقدَّم ذِكْرُه، وأَبْهَمَ لأنهم أُهْلِكوا بأنواعٍ مُخْتَلِفَةٍ.
قولُه تعالى: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى}: أي: بأيِّ نِعَمِ ربِّكَ تشُكُّ أيها الإنسانُ؟
وقيل: أي: تَجْحَدُ.
وقيل: أي: تُجادِلُ مع وُضوحِها.
والنِّعَمُ: هي الحُجَجُ الباهِرَةُ، والمواعِظُ الزَّاهِرَةُ.
وقيل: الخِطابُ للنَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، والمرادُ غيرُه؛ كما عُرِفَ في قوله: {فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} البقرة: ١٤٧.
قولُه تعالى: {هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ}: أي: محمدٌ رسولُ اللَّهِ مُنْذِرٌ مِن النُّذُر {الْأُولَى}؛ أي: المرسلين الأوَّلين.
وقيل: {هَذَا نَذِيرٌ}؛ أي: اقتصاصُ هذه القِصَصِ تخويفٌ مِن التَّخْوِيفات الماضية.
* * *
(٥٧ - ٦٠) - {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧) لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ (٥٨) أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ}.
قولُه تعالى: {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ}: أي: قرُبَتِ القيامةُ، والأُزوفُ: الدُّنُوُّ، و {الْآزِفَةُ}: مِن أسماء القيامة.
{لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ}: أي: ليس لها من غير (١) اللَّه كشفٌ؛ أي: بيانُ الوقت، وهو (٢) كقوله: {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ} الأعراف: ١٨٧.
وقال الفرّاء والكسائي رحمهما اللَّه: هي مصدر كالباقية واللاغية (٣).
(١) في (ر): "دون".
(٢) في (ر): "وهذا".
(٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ١٠٣).