وقال ابنُ مسعودٍ في روايةٍ: قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اشهَدُوا شهدوا"، فقال المشركون: سحَرَ محمدٌ القمَرَ (١).
وقال ابن عباس: إنَّ المشركين قالوا لَمَّا انشَقَّ القمرُ: سحَرَ محمدٌ القمرَ، فنَسْتَخْبِرُ السُّفَّارَ والقادمين، فكلَّما قدِموا سألوهم، فأخبَروهم أنَّهم قد رأوا ذلك، فتعجَّبوا منه (٢).
* * *
(٢) - {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ}.
وقولُه تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً}: أي: مِثْلَ ما رأوا مِن انشقاق القمر.
{يُعْرِضُوا}: أي: عن الإيمان بها.
{وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ}: أي: ويُلَبِّسوا على الضَّعَفة، ويقولون: هذا تخييلٌ قَوِيٌّ، فعَلَه حاذِقٌ بالسِّحر، فيَتَصَوَّرُ بصُورة الانشقاق وهو بحاله لم يَنْشَقَّ، وهو مأخوذٌ مِن إمرار الحَبْل، وهو إحكامُ فَتْلِه.
وقال الأخفش: {مُسْتَمِرٌّ}: شديدٌ (٣)، والمِرَّةُ: القُوَّةُ والشِّدَّةُ.
(١) رواه البخاري (٤٨٦٤) و (٤٨٦٥)، ومسلم (٢٨٠٠)، دون قوله: "فقال المشركون: سحَرَ محمدٌ القمَرَ"، ولفظ مسلم: بينما نحن مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بمنى إذا انفق القمر فلقتين، فكانت فلقة وراء الجبل، وفلقة دونه، فقال لنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اشهدوا".
(٢) رواه الطيالسي في "مسنده" (٢٩٣)، والطبري في "تفسيره" (٢٢/ ١٠٦)، والشاشي في "مسنده" (٤٠٤)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (١٤٦٠)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص: ٤٠٠)، والبيهقي في "الاعتقاد" (ص: ٢٦٩) عن ابن مسعود رضي اللَّه عنه.
وقد روى البخاري (٣٦٣٨)، ومسلم (٢٨٠٣) عن ابن عباس رضي اللَّه عنه: (أن القمر انشق في زمان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-).
(٣) ذكره الماوردي في "النكت والعيون" (٥/ ٤١٠) عن الأخفش والفراء. =