وقولُه تعالى: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ}: أي: أَعْرِضْ عن مُكَافأَتِهم الآنَ، إنَّ لهم يومًا يُجازَون فيه.
{يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ}: قيل: تقديرُه: فتولَّ عنهم لِيومِ يَدْعُ الدَّاعِ.
وقيل: تمَّ الكلامُ عند قولِه: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ}، وقولُه: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ} يتعلَّقُ بقوله: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ}.
وقيل: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ}: ظرفٌ لقوله: {يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ} {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ}؛ كما قال: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ} ق: ٤١، وهو إسرافيلُ في النَّفْخَة الثانية.
{إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ}: أي: هائلٍ مُنْكَرٍ لا يُطاقُ، ويُسَمَّى (نُكرًا)؛ لِغِلَظِه على النَّفْس.
وقيل: لأنهم لم يروا مِثْلَه قَطُّ، فيُنْكِرونه استعظامًا له.
وقيل: أي: إلى شيءٍ كانوا يَجْحَدونه في الدنيا، ويُنْكِرونه في الدنيا، ولا يؤمنون به.
* * *
(٧) - {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ}.
قولُه تعالى: {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ} (١): قرأ أبو عمرو وحمزةُ والكسائيُّ: {خاشِعًا أَبصارُهم}، وتقدُّمُ الصِّفة كتقدُّمِ الفعل، فيجوزُ تذكيرُه وتوحيدُه، قال الشاعر:
وشبابٍ حَسَنٍ أَوْجُهُهم... مِن إيادِ بنِ نزارِ بنِ مَعَدّْ (٢)
(١) في (ف): "خاشعًا أبصارهم"، وهما قراءتان متواترتان كما سيأتي.
(٢) نسبه أبو العلاء المعري في "رسالة الملائكة" (ص: ١٥٣)، وابن رشيق في "العمدة" (٢/ ٨٣) إلى أبي دؤاد الإيادي، وهو في ديوانه (ص: ٩٢)، إلا أن مطلعه: (وفُتُوٍّ). =