وقولُه تعالى: {وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا}: أي: بَقَّيْناها؛ كما قال: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ}.
{فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}: أي: مُتَّعِظٍ منكم مَعاشِرَ المشركين؟
{فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ}: أي: إنذاري؛ أي: ألم يكن عذابي شديدًا مُهْلِكًا، أوَلم يكن إنذاري صِدْقًا واقِعًا؟
* * *
(١٧ - ١٨) - {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧) كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ}.
قولُه: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}: قال ابن عباس: هوَّنَّا قراءةَ القرآنِ لِيَتَّعِظَ المُتَّعِظُ به، ولولا أنَّ اللَّهَ تعالى يسَّرَه ما استطاعَ أحدٌ أنْ يتكَلَّمَ بكلام اللَّه تعالى (١).
وقال سعيد بن جُبيرٍ: يسَّرْناه للحفظ ظاهِرًا، وليس مِن كُتُبِ اللَّهِ تعالى يُقْرَأُ ظاهِرًا إلا القرآنُ (٢).
وقال الحسن: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}: أي: خائفٍ مِثْلَ عُقوبَتِهم (٣).
وقيل: يسَّرَ قراءتَه على ألسنةِ قومٍ، وعلَّمَه على قلوبِ قومٍ، وفهَّمَه على قلوب قومٍ، وحَفِظَه على قلوبِ قومٍ، وكلُّهم أهلُ القرآنِ، وكلُّهم أهلُ اللَّهِ وخاصَّتُه.
(١) رواه مختصرًا عنه البيهقي في "الأسماء والصفات" (٥٧٢)، وذكره البغوي في "شرح السنة" (١/ ١٨٢).
وهو قول مقاتل كما في "تفسيره" (٤/ ١٨٠)، وذكره عنه الواحدي في "البسيط" (٢١/ ١٠٣).
(٢) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ١٦٥)، والواحدي في "البسيط" (٢١/ ١٠٢)، والبغوي في "تفسيره" (٧/ ٤٣٢)، وابن عطية في "المحرر الوجيز" (٥/ ٢١٥).
(٣) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٣٠٦٧).