{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}: فسَّرْناه مَرَّةً، وكرَّرَه لأنَّ معناه: سَهَّلْنا سبيلَ التَّذَكُّرِ والاتِّعاظ به لمَّا وصَّلْنا به القولَ مِن قِصَصِ الأوَّلين تَنْبِيهًا للآخِرين.
وقولُه تعالى: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ}: قيل: بالإنذار، وهو واحدٌ.
وقيل: بالآيات التي هي نُذُرٌ، جَمْعُ نذيرٍ.
وقيل: بصالحٍ ومَن تقدَّمَه مِن الرُّسُل، جَمْعُ نذيرٍ، وهو الرسولُ المُنْذِرُ.
قولُه تعالى: {فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ}: أي: استَنْكَروا أنْ يَلْزَمَهم الانقيادُ لِبَشَرٍ هو واحدٌ منهم؛ أي: مِن جِنْسِهم وجُمْلَتِهم يأكُلُ الطَّعامَ، ويمشي في الأسواق.
{إِنَّا إِذًا}: لو اتَّبَعناه.
{لَفِي ضَلَالٍ}: أي: ذهابٍ عن الحقِّ.
{وَسُعُرٍ}: أي: جنونٍ، وهو قولُ القُتَبِيُّ، قال: هو مِن تَسَعُّرِ النارِ، ويُقالُ: ناقةٌ مَسْعورةٌ؛ كأنها مجنونةٌ مِن النَّشاط (١).
وقال قتادة: أي: عذابٍ وعَناءٍ (٢).
وقال الأخفش: هو مِن الاستعار (٣)؛ أي: الالتهاب؛ أي: في تعَبٍ شديدٍ يَلْتَهِبُ مِن التَّمادي فيه، ومَن حمَلَه على الجُنون، فإنَّ الجُنونَ يُحَرِّكُ صاحبَه ويُلْهِبُه.
وقيل: أي: في أمرٍ يُسْعِرُ مِثْلُه؛ أي: يُلْهِبُ صاحبَه ويُحَرِّكُه حتى يُحميَه فيأنَفَ منه.
* * *
(١) انظر: "غريب القرآن" (ص: ٤٣٣).
(٢) رواه عنه عبد الرزاق في "تفسيره" (٣٠٧١) بلفظ: ضلال وعمى، والطبري في "تفسيره" (٢٢/ ١٤٠).
(٣) في (ر): "السعارة"، وفي (ف): "الاستعارة". وذكره عن الأخفش السمعاني في "تفسيره" (٥/ ٣١٨).