{وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ}: مِن عَمَلٍ {مُسْتَطَرٌ}: أي: مكتوبٌ، وكلُّ كبيرٍ كذلكَ؛ ولذلك وحَّدَ النَّعْتَ؛ أي: محفوظٌ لا يُنْسَى، فيُجازَى عليه يومَ القيامة.
وقال أبو العالية: {مُسْتَطَرٌ}: أي: مَحْصِيٌّ ذلك في كتابِ أجَلِه ورِزْقِه واسمِه وشَقِيٍّ وسعيدٍ.
وقولُه تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ}: وهُم على خِلاف المُجرمين.
{فِي جَنَّاتٍ}: أي: بساتين.
{وَنَهَرٍ}: أي: أنهارٍ، نابَ الواحدُ عن الجَمْعِ لأنه جِنْسٌ؛ كما قال: {وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} القمر: ٤٥.
وقيل: أي: في ضِياءٍ وسَعَةٍ؛ لأنَّ الجنّةَ لا ليلَ فيها. وهو قولُ الأخفشِ والكسائيِّ والفرَّاء (١)، ومنه اشتقاقُ النَّهارِ.
{فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ}: أي: مَجْلِسِ حَقٍّ لا لغوٌ فيه ولا تأثيمٌ.
وقيل: أي: موضِعٍ حسَنٍ؛ كما يُقالُ: ثوبُ صِدْقٍ.
وقال الأشعريُّ: هو منابِرُ مِن الدُّرِّ والياقوتِ والذَّهَبِ والفِضَّةِ (٢).
وقال الإمام القُشَيريُّ: {مَقْعَدِ صِدْقٍ}: مكانِ أهلِ صِدْقٍ، والصادِقُ: مَن يعبُدُ اللَّهَ لا على مُلاحظَةِ الأعواضِ (٣).
{عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ}: وهو قُرْبُ الكرامة، لا قُرْبُ المكانِ والمُقامَة.
والحمدُ للَّهِ ربِّ العالمين
(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ١١١).
(٢) رواه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" مرفوعا (٢/ ٩٠)، والثعلبي في "تفسيره" (٩/ ١٧٤)، من قول عبد اللَّه بن بريدة.
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" (٣/ ٥٠١).